
تذوق فني
تتناثر الضباب في هذه اللوحة الهادئة التي تعرض مشهداً ريفياً هادئاً حيث يلتف طريق ترابي بلطف عبر مرج أخضر محاط بأشجار شاهقة. على الجانب الأيسر، صف من الأشجار النحيلة والمائلة برشاقة بأوراق متناثرة تزين السماء، وعلى الجانب الأيمن، يشكل الغطاء الكثيف لأوراق الأشجار الناضجة جداراً أخضر صلباً. ينشر الضباب الضوء، فيخفف من ألوان المشهد مما يجعلها تتدرج بين الأخضر والرمادي بدرجات هادئة. يقف شخصان صغيران بعيداً كأنهما ظلان، ما يدعو إلى تأمل هادئ في العزلة واحتضان الطبيعة. يلتقط العمل بمحاكاة متقنة بفرشاة فنية ملمس العشب وجودة الضباب الغامضة، موحداً إياها لخلق جو حالمي ومسالم ومليء بالغموض قليلاً.
يستخدم الفنان بدرجة عالية المنظور الخطي والجوي، موجهاً الأنظار نحو نقطة اختفاء ضبابية حيث يندمج الأرض بالسماء بشكل ضبابي. التباين بين الأشجار الرفيعة من جهة والكتلة الكثيفة الظليلة من جهة أخرى يبرز تنوع وتوازن الطبيعة. تستدين لوحة الألوان الباردة والهادئة برودة الصباح وهدوئه، مثيرة شعوراً بالتأمل. وقد رسمت هذه اللوحة في عام 1917 وسط سنوات صعبة، ويبدو أنها تقدم ملاذاً للتأمل في جمال الريف الفرنسي الهادئ، مانحة المشاهد إحساساً بالخلود والطمأنينة وسط الاضطرابات التاريخية.